التقديم
من خصائص أمة الإسلام أنها أمة ابتليت، بالخير والشر، فتنة لها في هذه الحياة. ليزداد المؤمن إيماناً وتقرُّباً إلى الله تعالى بمواجهة الفتنة بنوعيها؛ بالشكر على السرَّاء، والصبر على الضرَّاء، فيكون أمره كله خيراً {وَنَبْلُوكُمْ بِالشَّرِّ وَالْخَيْرِ فِتْنَةً وَإِلَيْنا تُرْجَعُونَ} [الأنبياء: 21/35]، إذن هي معادلة لابدّ من الحفاظ على توازنها مهما تغيرت الظروف وتقلبت الأحوال وتبدلت، ابتغاء لمرضاة الله ونيلاً للقربى منه تعالى. فالحياة كلها قائمة على التوازن، والعدل، والقسط. والمؤمن يُختَبَرُ باختلالات هذا التوازن ليقوم بإعادتها إلى نصابها كلما غلب جانب على آخر.
من هذه الموازنات الصعبة التي ابتليت بها الأمة: ضرورة المحافظة على وحدة الأمة في ظل الممارسة الكاملة لحرية الرأي والتعبير عنه، فوحدة الأمة ضرورة وواجب يفرضه الإسلام على أبنائه، وحق إبداء الرأي هو ضرورة أيضاً، بل يصبح واجباً في كثير من المواقع، يأثم المؤمن بكتمانه وعدم إبدائه للناس، وقد جعل الله تبارك وتعالى آية إبداء الرأي بين آيتين من آيات وحدة الأمة، فقال تعالى: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً وَلا تَفَرَّقُوا} [آل عمران: 3/103]، ثم قال: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} [آل عمران: 3/104] ثم أعقب هذا الأمر الإلهي بالوحدة وإشاعة حرية الرأي بين الناس بالتحذير من الفرقة والاختلاف، فقال: {وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ البَيناتُ وأولئكَ لهم عذابٌ عظيم} [آل عمران: 3/105] هذا الربط بين الأمرين يبدو أنه مقصد من مقاصد الله تبارك وتعالى، حيث لا صلاح لأحدهما دون الآخر، ولكن المتبادر إلى الذهن هو أن الرأي، مهما يكن المنطلق الشرعي موحَّداً بين المسلمين، فإن اختلاف المعطيات التي يُبنى عليها الرأي، واختلاف الأنظار يفضي إلى اختلاف النتائج والمواقف، فالرأي يفضي إلى الفرقة من هذه الزاوية، والوحدة نقيض الفرقة فكيف يجتمعان؟
الإجابة عن هذا التساؤل تشكل تحدياً حقيقياً أمام الأجيال، اليوم وغداً، وربما بعد غدٍ، ولعل هذا البحث سوف يتصدى بإذن الله لجوانب من هذا التحدي، برسم معالم لتنزيل معاني الشورى، والنصيحة، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر على أرض الواقع. وذلك انطلاقاً من المنهج القرآني ، وفي كل الأحوال ينطلق البحث من فرضية مفادها: أن وحدة الأمة ونهضتها مرهونة بإطلاق حرية الرأي وشيوعها في الأمة.
توضيح المصطلحات
قبل الخوض في تفصيل الخطوات المنهجية لخطة البحث، يستحسن تحديد مفاهيم بعض المصطلحات التي يتكرر ذكرها في أثناء البحث، لتأخذ معنىً محدداً يطرد مع أماكن ورودها المختلفة وهي:
منهج القرآن: المقصود بهذا المصطلح - في إطار هذا البحث - هو طريقة القرآن أو الأسلوب القرآني في عرض ظاهرة أو إشكالية ما، من خلال مختلف السور والآيات، ومعالجتها معالجة شاملة بشروطها وضوابطها، والذي يُهتدى إليه باستقراء تلك الآيات وتدبرها.
حرية الرأي: تستخدم حرية الرأي في هذا البحث على معنيين:
أ- قدرة الإنسان على سلوك أساليب وطرق النظر العقلي دون قيد أو مؤثر.
ب- قدرة الإنسان على إبداء ما يراه أو يعتقده وإشاعته بين الناس دون قيد أو مؤثر. مع الملاحظة أن مصطلح (الحرية) لا يمكن تحديده بدقة إلا بتحديد القيود التي ترد عليه.
ويسير البحث مع حرية الرأي بهذا المفهوم المحدد، وهو شائع في الاستعمال، ومعاجم اللغة تعضد هذا الاتجاه، كما سنرى بإذن الله.
الوحدة الفكرية: المقصود بالوحدة الفكرية في هذا البحث هو اشتراك الناس في منهج إعمال النظر العقلي لنيل المعارف، أما الوحدة التامة بين الناس في الرؤى والأفكار وفي نتائج النظر العقلي فإنها مخالفة لطبيعة البشر.
تحديد إشكالية البحث ونطاقه
إن إشكالية الاستبداد بالرأي وعدم القدرة على تقبل الرأي الآخر، والتشرذم الفكري المؤدي إلى الخلاف والاختلاف، أصبحت صورة مألوفة في المجتمع الإسلامي الراهن، وغدت تشكل إشكالية واقعية معاصرة وعقبة حقيقية على طريق تشكيل وحدة شاملة للأمة في ظل حرية الرأي والتعبير عنه، ويمكن إعادة جذور هذه الإشكالية إلى عاملين:
العامل الأول: طبيعة العلاقة بين حرية الرأي والوحدة بصفة عامة، فإن طبيعة العلاقة بين المصطلحين توحي بأنه يصعب تفاعل حرية الرأي والوحدة في بوتقة واحدة على أرض الواقع، لأن حرية الرأي تفضي إلى الاختلاف، والاختلاف يفضي إلى الفرقة، والوحدة ضد الفرقة فلا تجتمعان،
العامل الثاني: لقد اختلف القائمون على أمر المسلمين منذ فجر الإسلام حتى هذا العصر الراهن في نوعية الحل الذي يمكن أن يواجه به الإشكالية التي تثيرها قضية حرية الرأي والوحدة، وفي المجمل هم فريقان:
توجه الفريق الأول إلى إتاحة الفرصة كاملة لإبداء الرأي والتعبير عنه، فظهرت كل الآراء على السطح، وتم تبادل الأفكار، فتميّز الصواب من الخطأ، فلم يبق في الصدور رأي محبوس، فانتفت بذلك دواعي الحقد والضغينة، فتوحدت الأمة. ويمكن التمثيل لهذه الطائفة بعهد النبوي الشريف، والخلافة الراشدة، وبعض العهود الزاهرة في التاريخ الإسلامي.
وبدا لآخرين - وهم الفريق الثاني - أن حرية الرأي تهدد وحدة الأمة، فعملوا على تقليص مساحتها والتضييق من نطاقها بشكل حاد في بعض المجالات، من أجل سلامة الأمة والدين ووحدتهما. وبدأ التضييق بحرية الرأي حول شؤون السلطة والحكم وما يتبعها من نظم، فتم تقليصها بشكل كبير، ثم امتد إلى حرية الاجتهاد الذي أغلق بابه تماماً في بعض العصور، واحتوى بعضاً من قضايا العقيدة لما كثر الجدل بين الفرق الإسلامية، هذه الثلاثة هي أهم مجالات حرية الرأي، وقد امتدت إليها يد التضييق، ولم تستثن شيئاً، وللأسف مع هذا التضييق ظلت الإشكالية قائمة: حرية الرأي مازالت معدومة، الفرق موجودة، ووحدة الأمة لم تتحقق بعدُ، إذن أين الخلل؟
البحث عن الإجابة لهذا التساؤل هو غرض هذا البحث: ويفترض أن عودة حرية الرأي وكفالتها بشكل كامل وإشاعتها بين الناس في المجتمع الإسلامي تشكل ضرورة قصوى للأمة؛ للخروج من مأزقها الراهن. ولكن:
كيف ذلك، ولماذا لجأ كثير من الأجيال إلى كبت هذه الحرية عبر التاريخ الإسلامي؟
ثم لماذا تباين مواقف الأقدمين، وهل يعود السبب إلى بعض العوامل التي طرأت بعد الخلافة الراشدة مثل: اتساع رقة الدول، وزيادة عدد المسلمين، وتغير نظم السلطة... وغيرها من العوامل أم لشيء آخر؟
كل هذه التساؤلات تشكل أسئلة فرعية تحدد بشكل أكبر طبيعة الإشكالية المطروحة وتحدد مسار الفرضية، وهي في مجملها عناصر مساعدة للبحث عن الحقيقة - أي حقيقة العلاقة بين الوحدة وحرية الرأي - وكانت البداية بالوحدة الفكرية، لأنها أساس انطلاق الوحدة الشاملة، ويعود الباحث إلى القرآن الكريم لاستلهام المنهج بسبب اختلاف أبناء الأمة حول الإشكالية كما مر ذكرها.
أهمية البحث وأهدافه
تظهر أهمية هذا البحث من عدة جوانب:
الأول: أنه مساهمة ومحاولة لعلاج قضية فكرية معاصرة، ابتليت بها الأمة منذ أمد بعيد ولم تجد لها فكاكاً، بل اشتدت وطأتها، واستحكمت حلقاتها على الأمة في العصر الراهن، وهي آفة الاستبداد بالرأي والتشرذم الفكري المؤدي إلى الخلاف والاختلاف المذموم.
الثاني: الدراسات السابقة أغفلت بعض الجوانب ، ولم تتعرض لها بوصفها قضيةً فكرية اجتماعية ذات جذور عميقة في ضمير الأمة ينبغي البحث عن عللها وأسبابها ومعالجتها جذرياً، بإعادتها إلى الأصول: الكتاب والسنة وإلى ثوابت الأمة.
أما أهداف البحث: فيتمثل الهدف العام في المساهمة لإيجاد ثروة معرفية تفكُّ الأمة من أسر الأزمة الفكرية الراهنة، وتتمثل الأهداف الفرعية في أمرين:
الأمر الأول: محاولة لوضع منهج قرآني حول البحث في القضايا الفرعية (منها حرية الرأي) وذلك بتأسيس مفاهيم عامة مفتاحية حول القضية من منظور قرآني تشكل أرضية للانطلاق نحو تلك القضايا.
الأمر الثاني: رسم بعض المعالم والخطط التي تساعد الأمة في التخلص من ظاهرة الاستبداد بالرأي، من أجل تنشئة جيل يمارس حرية الرأي بالعادة، ويفتخر بالنقد كما كان الحال في العصور الأولى للإسلام، وبعض الأمم الآن.
الدراسات السابقة
الحرية بمفهومها العام، كانت ومازالت، مجالاً للعديد من البحوث والدراسات، بقدر ما هي طموحٌ للشعوب والأفراد، فقد تناولتها الدراسات من جوانبها المختلفة، كاشفة حقيقتها وأنواعها، وضوابطها ومجالاتها، ولكن نادراً ما تناولت تلك الدراسات حرية الرأي مقرونة بالوحدة، مرتبطة بها في عمومها، والتي تطرقت لهذا الجانب - واطلع عليها الباحث - إما بحثت عن حرية الرأي مجردة دون ربطها بأي من أنواع الوحدة ، وإما قارنت بأحدها ولكن ليس انطلاقاً من الرؤية القرآنية التي تعالج الموضوعات عبر نصوص يربط بينها ناظم يمكن الكشف عنه عبر استقراء تلك النصوص من خلال سور القرآن كلها، وهذه الحلقة الثلاثية، من الضروري الربط بين أجزائها، أعني الانطلاق من المنظور القرآني في تقرير حرية الرأي، ومقارنة ذلك المنظور بوحدة الأمة، من أجل الوقوف على الرابط المنهجي بينهما والكشف عن دور حرية الرأي في إثبات أركان وحدة الأمة، وخاصة الوحدة الفكرية التي هي أساس الوحدة الشاملة، وهو الأمر الذي لم تفعله الدراسات السابقة.
ولكن من أجل وضع لبنة في بناء العلم والمعرفة موضعها الصحيح، كان لابدّ من الانطلاق من أرضية المجهودات السابقة، لهذا فقد قام الباحث باستطلاع مجمل الدراسات التي تناولت موضوع (الحرية) بشكل عام، وحرية الرأي بشكل خاص، فكان من بينها كتاب (حرية الرأي في الإسلام) الذي لم يشأ كاتبه أن يربط حرية الرأي فيه بأي نوع من أنواع الوحدة. ولكن عالج الموضوع منطلقاً من النصوص القرآنية والسنة النبوية بالإضافة إلى أحداث السيرة النبوية الغراء، مستشهداً بكل ذلك من غير أي محاولة للتحليل أو الربط بين النصوص من أجل الوقوف على الناظم المنهجي بينها، باعتبارها نصوصاً ذات صلة وعلاقة بموضوع واحد، مع ذلك انتهى الكاتب إلى أن حرية الرأي في الإسلام مقررة ومؤصلة بنصوص قرآنية، والممارسات العملية لنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم وأصحابه الكرام لها.
وفي هذا الإطار نفسه يأتي كتاب (حرية التعبير في الإسلام) ، ويتمحور أساس الفكرة في الكتاب حول محورين:
الأول: محاولة إثبات وجود مفهوم (الحقوق) في الإسلام والتصدي للذين ينكرون ذلك، وخاصة الحقوق الأساسية، وفي هذا ينطلق الكاتب من منطلقات دفاعية يجعل المبادرة بيد الآخرين.
والثاني: البحث عن الأهداف الأساسية لتقرير حرية الرأي والتعبير في الإسلام، ويحددها في هدفين: إثبات صدقية القول وتبريرها، وحماية الكرامة الإنسانية، فانصب حديث الكاتب حول هذين المحورين، باحثاً ومحللاً ومستشهداً بالشواهد العملية لممارسة الحقوق في التاريخ الإسلامي - منها حق حرية الرأي والتعبير - عن طريق عرض بعض المفاهيم الإسلامية مثل: الحسبة، والشورى والاجتهاد، ثم الضوابط (الأخلاقية والقانونية) الضرورية لممارسة تلك الحقوق، وكذلك معوقاتها.
ولو حاول المؤلف الربط بين أثر ممارسة تلك الحقوق ووحدة الأمة وقارن بينهما لأفاد أكثر، وفي سياق آخر، وفي محاولة لربط حرية ممارسة الحق بالوحدة تأتي رسالة الدكتور عبد المجيد النجار (دور حرية الرأي في الوحدة الفكرية بين المسلمين) التي هي الأولى في هذه المحاولة، فعالج الكاتب من خلالها دور حرية الرأي في الوحدة الفكرية من خلال خمسة أركان شكلت في مجموعها عناصر الوحدة الفكرية - كما يرى الكاتب - وهي الموضوعية، وشمول النظر، ومنهجية التوحيد، والمنهج النقدي والواقعية. استعرض من خلال هذه العناصر أثر حرية الرأي على كل عنصر منها ليخلص إلى نتيجة (أن حرية الرأي كما توافرت بين المسلمين أثمرت الوحدة، وكلما غابت أو ضعفت أثمرت التشتت والفرقة) ، وكان من المفيد أن يستقرئ المؤلف نصوص القرآن الكريم من أجل تأسيس مفهوم لحرية الرأي، بدلاً من الاكتفاء بإيراد النصوص للاستشهاد والاستدلال من أجل إثبات الأساس الشرعي لها، ثم إنه كان من المفيد أن يشير - وهو يقوم بتعريف الموضوعية - إلى الفرق بين مفهوم الموضوعية في النظرية الوضعية التي تعني التجرد الكامل من كل العوامل، حتى من القيم التي أثبتها الوحي، وبين مفهوم الموضوعية في الإسلام المنضبط بتلك القيم، تحاشياً للخلط .
لعل العرض السابق يظهر جوانب الجدة في الموضوع وأهميته، أي الانطلاق من الرؤية القرآنية في تحديد حقيقة حرية الرأي في الإسلام المنضبطة بالضوابط القرآنية، ثم الانطلاق للبحث عن أثرها في وحدة الأمة سلباً وإيجاباً، وهذا الجانب لم يجد إلا القليل من العناية من الدراسات السابقة.
منهج البحث
بما أن البحث يتعلق بمفهوم حرية الرأي من منظور قرآني وعلاقتها بالوحدة الفكرية، فإن المنهج المناسب في هذه الحالة هو اعتماد المنهج (الاستقرائي - التحليلي) ثم الاستفادة من بقية المناهج، فيتبع الباحث أسلوب الاستقراء والتحليل وينهج المنهج التالي في البحث:
أولاً: تحديد مفهوم المصطلح من الناحية اللغوية والاصطلاحية، بغرض الوقوف على العناصر الأساسية والمكونة له، وذلك بالاحتكام إلى الجذر اللغوي من خلال معاجم اللغة وكتب الاصطلاحات.
ثانياً:استقراء مفردات المصطلح من جميع نصوص القرآن من أجل تكوين مفاهيم عامة عن الاستعمال القرآني للمصطلح.
ثالثاً: جمع واستقراء كل النصوص القرآنية المتعلقة بالموضوع أو ذات صلة به، بغرض الاهتداء إلى أسلوب أو منهج القرآن في عرض الظاهرة ومعالجتها جذرياً، بشروطها وضوابطها، كما هي محددة بالمفهوم اللغوي.
رابعاً: تحكيم المنهج القرآني على الظاهرة كما هي في مفهوم الناس في الوقت الراهن، من أجل اكتشاف مواضع خلل أو اختلال شروط.. إلخ.
خامساً: إيجاد حلول لتلك الاختلالات انطلاقاً من المنظور القرآني، وعلى وفق معطيات العصر، هذه النقاط الخمس تعتبر نقاطاً منهجية متسلسلة تحكم مسار البحث، ومع ذلك ينبغي ملاحظة الآتي:
1- إن حرية الرأي عندما توافرت بشكل أكبر في بعض العصور تحققت وحدة الأمة، مثل العهد النبوي الشريف، وعهد الخلافة الراشدة، وبالتالي ينبغي أخذ الأمثلة من تلك العصور.
2- ليست العبرة في إعادة أشكال أو نظم بعينها، ولكن الغاية هي تحقيق العبودية لله تعالى، بمواجهة تحديات العصر بأسلوب العصر، مع اتخاذ ذلك المثال مرشداً والمنهج القرآني مقوماً.
الخطة التفصيلية للبحث
يتكون البحث من تقديم ومدخل وثلاثة فصول وخاتمة:
التقديم: عبارة عن وصف للبحث بييّن أهدافه ومنهجه وإشكاليته والدراسات السابقة.
المدخل: عبارة عن حديث مقتضب عن مفهوم الحرية في الإسلام بشكل عام، وهو مدخل طبيعي للبحث، حيث تبرز فيه مكانة حرية الرأي في قائمة الحريات.
الفصل الأول: تركز الحديث في الفصل حول منهج القرآن في بناء حرية الرأي وتحته ثلاثة مباحث:
المبحث الأول: دار الحديث فيه حول مفهوم حرية الرأي وتعريفها لغة واصطلاحاً. ثم إبراز القنوات الرئيسة الثلاث لحرية الرأي، والتي قررها القرآن من أجل بناء مجتمع متطور والحفاظ على الكرامة الإنسانية.
المبحث الثاني: يبحث عن الأسس والدعائم الكفيلة لإبداء الرأي بالكامل في كل المحافل، وبييّن كيف تكفّل الله بسبُل توفير هذه الدعائم على عباده عبر مستويات ثلاثة.
المبحث الثالث: يبين هذا المبحث الضوابط المنظمة لمبدأ حرية الرأي والقيود الضرورية لضمان استمرارية إبداء الرأي دون أن يحدث ضرراً في المجتمع، وهي نوعان من الضوابط: منهجية، وأخلاقية.
ومن خلال العرض والتحليل الذي تمّ في هذا الفصل سوف يظهر للقارئ ويتضح المنهج القرآني في تقرير حرية الرأي بضوابطها وشروطها بإذن الله.
الفصل الثاني: يتناول هذا الفصل العوامل التي توحد الأمة فكرياً، ويبيّن طبيعة هذه العوامل ومقوماتها من الوجهة الإسلامية، ويوضح أهمية الوحدة الفكرية، ثم يتناول كل عامل في مبحث خاص وهي:
المبحث الأول: عامل العقيدة، وتعرض البحث من خلال هذا العامل إلى دور العقيدة الدينية في صنع الوحدة مجملاً وإلى دور عقيدة التوحيد بصورة مفصلة، حيث تعرّض للخصائص المنهجية للوحدة الفكرية في الإسلام، وهي: وحدة المعيار في التحليل والنقد، الشمول والتوازن، الموضوعية والواقعية.
المبحث الثاني: عامل اللغة، ويظهر من خلال هذا العامل حقيقة العلاقة بين اللغة والوحدة الفكرية.
المبحث الثالث: عامل الثقافة، وتبيّن من خلال البحث أن عامل الثقافة عامل ثانوي في صنع الوحدة الفكرية إلى جانب عاملي العقيدة واللغة.
الفصل الثالث: يبحث عن أثر حرية الرأي في تحقيق الوحدة الفكرية، بين المسلمين، من خلال الخصائص المنهجية الأربع التي توفرها عقيدة التوحيد في أربعة مباحث:
المبحث الأول: يبيّن دور حرية الرأي في المنهج النقدي.
المبحث الثاني: يبيّن دور حرية الرأي في خاصتي الشمول والتوازن.
المبحث الثالث: يبيّن دور حرية الرأي في تحقيق الموضوعية.
المبحث الرابع: يبيّن دور حرية الرأي في تحقيق عنصر الواقعية.
وفي فصل ختامي تمّ عرض مقررات البحث ونتائجه على واقع الأمة من خلال مستويات ثلاثة: المستوى الفكري - والمستوى الاجتماعي التربوي - والمستوى السياسي.
* * *
إضافة تعليق