بسم الله الرحمن الرحيم
يقول الله تعالى:
{وَلِلَّهِ عَلَى النّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ} [آل عمران: 3/97]
{وَأَذانٌ مِنَ اللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى النّاسِ يَوْمَ الْحَجِّ الأَكْبَرِ أَنَّ اللَّهَ بَرِيءٌ مِنَ الْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ} [التوبة: 9/3]
{لِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنا مَنْسَكاً هُمْ ناسِكُوهُ فَلا يُنازِعُنَّكَ فِي الأَمْرِ وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ إِنَّكَ لَعَلَى هُدَىً مُسْتَقِيمٍ} [الحج: 22/67]
صدق الله العظيم
تقديم
أن تعرف الحج من حيث موقعه بين أركان الإسلام الخمسة، أو مرتبته بين أفضل الأعمال، وقد سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي العمل أفضل؟ قال: ((الإيمان بالله ورسوله))، قيل: ثم ماذا؟ قال: ((الجهاد في سبيل الله))، قيل: ثم ماذا؟ قال: ((حج مبرور)) (البخاري).
وأن تعلم أهمية الحج في العبادة، والتوحيد، والبراءة من الشرك، أو في طلب المغفرة ومحو الذنوب، وإعادة صياغة النفس.
وأن تحيط بأبعاد الحج ومعانيه وعبره من حيث علاقته بالحياة ووحدة الأمة وهمومها وقضاياها، وتقدر أهميته داخل المنظومة الإسلامية.
كل هذا شيء وأن تعيش تجربته، بصورة شخصية، وتأتي تجربتك بعد طول محاولة وانتظار، وتكون الأولى، فشيء آخر تماماً.
وهو كما قال الشاعر:
ولا الصّبَابةَ إلا من يُعانيها |
لا يعرِفُ الشُّوقَ إلا منْ يكابدُهُ |
إن القيام بفريضة الحج تجعلك تشعر بالحج وتلمسه، وتراه وتخبره من الداخل. هنا يغتني كل ما عرفته وعلمته وأحطت به في عمق، ويتسع أكثر ويثبت ثباتاً. فللحج فعل في المشاعر والأحاسيس كما في الوعي، وله فعل في العقل كما في القلب، وفي الإدراك كما في النفس.
والكثيرون الكثيرون يعودون منه أفضل مما كانوا عليه: إيماناً وعملاً، معرفة وتجربة، وعياً وسلوكاً، التزاماً وثباتاً.
ولأن الحج، بالرغم من بساطته وعفويته يشكل، في الوقت نفسه، حالة مركبة متعددة الأوجه والأبعاد، فإن تجربته تختلف من شخص إلى آخر، فضلاً عما هو مشترك وعام يشملان الجميع.
ويأتي هذا الكراس، أو الكتيب، ليعكس بعضاً مما في الحج من عام ومشترك، وكثيراً من الخاص لتجربة شخصية عشتها، وهو ما كنت أتجنبه دائماً، حيث ابتعدت عن إشغال القارئ بتجاربي الشخصية. ولكن هذه المرة لم أستطع، فقد كانت تجربة ألحّت عليّ لأكثر من شهرين بعد العودة من الحج أن أكتب عنها، فتجربة الحج تتخطى الكتابة النظرية المجردة، ليجمع بينها وبين فعله في القلب والنفس في آن واحد.
والله الموفق
المؤلف
عمان 13 ربيع الثاني 1421هـ
15 تموز (يوليو) 2000م
إضافة تعليق